Abstract:
لمعالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية من جذورها، ينبغي البحث عن الاسباب الحقيقية والجوهرية التي دفعت بالمهاجرين لترك بلدانهم والمخاطرة بحياتهم من اجل حياة افضل لم تتوفر لهم في بلدانهم، اذ ان السبب الرئيسي لهجرتهم ، يكمن في ما قامت به الدول الاستعمارية عبر تاريخها الحافل بالمساوئ والجرائم منذ غزوها المناطق الفقيرة البدائية خصوصا في القارة الافريقية ، وخطفوا ابناءها وجعلوهم عبيدا واستخدموهم في تجارة الرق، ليحققوا لأنفسهم الرفاهية ، ضاربين عرض الحائط بما ينتج عن افعالهم مستقبلا، و على الرغم ان اكبر الهجرات التي حدثت في العصر الحديث كانت هجرة الاوروبيين الي أمريكا، وما احدثته من مأساة للسكان الاصليين(الهنود الحمر)، الا انها كانت سببا لظهور دولة عظمى هي الولايات المتحدة الامريكية ، فلولا هذه الهجرات ما كانت لتكون، ثم ان المرحلة الاستعمارية التي حدثت في القرن التاسع عشر وما بعده، وما ترتب عليها من نهب لخيرات الشعوب الضعيفة في افريقيا، ونقل المواد الخام والعمالة المدربة الي دولهم في اوروبا لتطوير صناعاتهم ، وتحقيق الرفاهية لشعوبهم دون النظر للشعوب الفقيرة ، الذين لولاهم ما كانت الدول الاوروبية لتكون دولا صناعية ومتطورة كما هي الان ، مع العلم ان هذه الدول الاوروبية هي من صنعت الحدود السياسية بين شعوب العالم ووضعت العوائق امام تنقلاتهم ، مما جعل هذه الشعوب تدفع ضريبة تقسيم بلدانهم ، والغريب انها(اي الدول الاوروبية) تطالب دول العالم الثالث وبقوة ان يصبح العالم قرية صغيرة ، وقد اصبح بفعل العولمة والتكنولوجيا الحديثة قرية صغيرة في كل شيء الا في حرية التنقل التي استباحوها لأنفسهم ومنعوها على الاخرين ، على الرغم من ان لهذه الهجرات فوائد جمة تعود على الدول المتقدمة وعلى الدول الفقيرة ، مما يجعلها لا تستطيع الاستغناء عنها .لذا فان (الدول المتقدمة) مطالبة وبقوة بتحمل مسؤولياتها والتكفير عن ذنبها في حق هذه الشعوب، بالمساهمة في تنمية بلدانهم اولا، وتقنين الهجرة بما يتناسب ومصلحة الجميع ومعالجة الاثار السلبية الناجمة عنها بما يحقق الامن القومي لتلك البلدان ثانياً.